فصل: ما هو ذنب آدم؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.بحث نفيس: هل الجنة التي أسكنها آدم عليه السلام كانت سماوية أو أرضية؟

قال ابن جزي:
{اسكن أنت وزوجك الجنة}.
الجنة: هي جنة الخلد عند الجماعة، وعند أهل السنة، خلافًا لمن قال هي غيرها. اهـ.
وقال ابن عطية: وذهب من لم يجعلها جنة الخلد إلى أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها، وهذا لا يمتنع إلا أن السمع ورد أن من دخلها مثابًا لا يخرج منها، وأما من دخلها إبتداءًا كآدم فغير مستحيل، ولا ورد سمع بأنه لا يخرج منها. اهـ.
وقال الإمام ابن القيم- في مفتاح دار السعادة بعدما ذكر أدلة الفريقين رد على أدلة من قال إنها جنة أرضية فقال ما ملخصه:
وأما قولكم إن إبليس كيف وسوس لآدم بعد إهباطه من الجنة، ومحال أن يصعد إليها بعد قوله تعالى: {اهبطا} فجوابه من وجوه: أحدها أن أخرج منها ومنع من دخولها على وجه السكنى والكرامة، واتخاذها دارًا فمن أين لكم أنه منع من دخولها على وجه الابتلاء والامتحان لآدم وزوجه، ويكون هذا دخولًا عارضًا.
وأجاب عن قولهم أن الجنة تطلق على البستان كما تطلق على جنة الخلد. فقال: وما إن أريد به جنة غيرها فإنها تجئ منكرة كقوله: {جنتين من أعناب} [الكهف: 32] أو مقيدة بالإضافة كقوله: {ولولا إذ دخلت جنتك} [الكهف: 39] أو مقيدة من السياق بما يدل على أنها في الأرض بما يدل على أنها جنة في الأرض كقوله: {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين} [القلم: 17] فهذا السياق والتقييد يدل على أنها بستان في الأرض. اهـ. بتصرف يسير.
ظاهر القرآن يدل على أنها جنة سماوية، ويدل على ذلك كثير من الأدلة منها الدنيا لا تعرف جنة بهذه الأوصاف {إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى}.
ومنها قوله تعالى: {فأخرجهما مما كانا فيه} والمراد من ذلك التفخيم، ولم يعبر عن ذلك بالجنة، فلم يقل: فأخرجهما من الجنة، بل قال: {مما كانا فيه} فلو كانت جنة في الأرض أي دنيوية لما عظمها الله وأخبر عنها بما يدل على التعظيم والإجلال، لأن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، فكم تزن الجنة الأرضية منها.

.لطيفة: دار التوبة:

قال صاحب خواتم الحكم ما نصه:
قيل: أخرج آدم من الجنة، لأنها ليست بدار توبة وتحصيل محبة ومعرفة، وليست محل مشهد التجليات الجلالية والقهرية التي هي نصف المعارف الإلهية، فلو بقى آدم في الجنة لفاته نصف المكان، وأسرار الخلافة الكلية الأسمائية، فأراد، سبحانه، أن يأتي الدنيا فيتوب، ويلبس خلعة الخلافة بتحصيل الكمالات الكلية، ويتحقق بمظاهر أسماء الجمال والجلال، ثم يرد إلى عالم الجنان كاملًا مكملًا بأنواع الفضائل والكمالات.
قيل: قد قدر الله، تعالى، أن يخرج من صلبه سيد المرسلين، وإخوانه من الأنبياء والأولياء والمؤمنين، وخمر في طينته تراب كل مؤمن وعدو، فأخرجه إلى الدنيا {ليميز الله الخبيث من الطيب} [الأنفال: 37]، لأن الجنة ليست بدار توالد وتكليف، فخرج إلى الدنيا ليخرج من ظهره، الذين لا نصيب لهم في الجنة، فكان هبوطه من الجنة، هبوط تشريف وامتحان وتمييز، بين قبضتي السعادة والشقاوة، لأن ذلك من مقتضيات الخلافة الإلهية، فمن وقف على سر الخلافة، انحلت له عقود المعضلات، ورموز المشكلات، والله الولي الفتاح. اهـ.

.قال الفخر:

قال صاحب الكشاف: السكنى من السكون لأنها نوع من اللبث والاستقرار و{أنت} تأكيد للمستكن في {اسكن} ليصح العطف عليه و{رغدًا} وصف للمصدر أي أكلا رغدًا واسعًا رافهًا و{حيث} للمكان المبهم أي أي مكان من الجنة شئتما، فالمراد من الآية إطلاق الأكل من الجنة على وجه التوسعة البالغة حيث لم يحظر عليهما بعض الأكل ولا بعض المواضع حتى لا يبقى لهما عذر في التناول من شجرة واحدة من بين أشجارها الكثيرة. اهـ.

.لطيفة في الفرق بين قوله تعالى في سورة البقرة: {وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا} وقوله في سورة الأعراف: {فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا}:

قال الفخر:
لقائل أن يقول: إنه تعالى قال هاهنا: {وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا} وقال في الأعراف: {فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا} [الأعراف: 19] فعطف {كُلاَ} على قوله: {اسكن} في سورة البقرة بالواو وفي سورة الأعراف بالفاء فما الحكمة؟ والجواب: كل فعل عطف عليه شيء وكان الفعل بمنزلة الشرط، وذلك الشيء بمنزلة الجزء عطف الثاني على الأول بالفاء دون الواو كقوله تعالى: {وَإِذَا قُلْنَا ادخلوا هذه القرية فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} [البقرة: 58] فعطف كلوا على ادخلوا بالفاء لما كان وجود الأكل منها متعلقًا بدخولها فكأنه قال إن أدخلتموها أكلتم منها، فالدخول موصل إلى الأكل، والأكل متعلق وجوده بوجوده يبين ذلك قوله تعالى في مثل هذه الآية من سورة الأعراف: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسكنوا هذه القرية وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ} [الأعراف: 161]، فعطف كلوا على قوله: {اسكنوا} بالواو دون الفاء لأن اسكنوا من السكنى وهي المقام مع طول اللبث والأكل لا يختص وجوده بوجوده لأن من دخل بستانًا قد يأكل منه وإن كان مجتازًا فلما لم يتعلق الثاني بالأول تعلق الجزاء بالشرط وجب العطف بالواو دون الفاء، إذا ثبت هذا فنقول: إن {اسكن} يقال لمن دخل مكانًا فيراد منه الزم المكان الذي دخلته ولا تنتقل عنه، ويقال أيضًا لمن لم يدخل اسكن هذا المكان يعني ادخله واسكن فيه، ففي سورة البقرة هذه الأمر إنما ورد بعد أن كان آدم في الجنة فكان المراد منه اللبث والاستقرار، وقد بينا أن الأكل لا يتعلق به فلا جرم ورد بلفظ الواو.
وفي سورة الأعراف هذا الأمر إنما ورد قيل: أن دخل الجنة فكان المراد منه دخول الجنة وقد بينا أن الأكل يتعلق به فلا جرم ورد بلفظ الفاء. والله أعلم. اهـ.

.نوع النهي في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة}:

قال الفخر:
قوله: {وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة} لا شبهة في أنه نهي ولكن فيه بحثان:

.البحث الأول: نهي التحريم ونهي التنزيه:

أن هذا نهي تحريم أو نهي تنزيه فيه خلاف، فقال قائلون: هذه الصيغة لنهي التنزيه، وذلك لأن هذه الصيغة وردت تارة في التنزيه وأخرى في التحريم، والأصل عدم الاشتراك فلابد من جعل اللفظ حقيقة في القدر المشترك بين القسمين، وما ذلك إلا أن يجعل حقيقة في ترجيح جانب الترك على جانب الفعل من غير أن يكون فيه دلالة على المنع من الفعل أو على الإطلاق فيه، لكن الإطلاق فيه كان ثابتًا بحكم الأصل، فإن الأصل في المنافع الإباحة، فإذا ضممنا مدلول اللفظ إلى هذا الأصل صار المجموع دليلًا على التنزيه، قالوا: وهذا هو الأولى بهذا المقام لأن على هذا التقدير يرجع حاصل معصية آدم عليه السلام إلى ترك الأولى ومعلوم أن كل مذهب كان أفضى إلى عصمة الأنبياء عليهم السلام كان أولى بالقبول، وقال آخرون: بل هذا النهي نهي تحريم واحتجوا عليه بأمور.
أحدها: أن قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة} كقوله: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حتى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] وقوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتى هي أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] فكما أن هذا للتحريم فكذا الأول.
وثانيها: أنه قال: {فَتَكُونَا مِنَ الظالمين} [البقرة: 35] معناه إن أكلتما منها فقد ظلمتما أنفسكما ألا تراهما لما أكلا {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} [الأعراف: 23].
وثالثها: أن هذا النهي لو كان نهي تنزيه لما استحق آدم بفعله الإخراج من الجنة ولما وجبت التوبة عليه، والجواب عن الأول نقول: إن النهي وإن كان في الأصل للتنزيه ولكنه قد يحمل على التحريم لدلالة منفصلة، وعن الثاني: أن قوله: {فَتَكُونَا مِنَ الظالمين} أي فتظلما أنفسكما بفعل ما الأولى بكما تركه لأنكما إذا فعلتما ذلك أخرجتما من الجنة التي لا تظمآن فيها ولا تجوعان ولا تضحيان ولا تعريان إلى موضع ليس لكما فيه شيء من هذا، وعن الثالث: أنا لا نسلم أن الإخراج من الجنة كان لهذا السبب وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

.البحث الثاني: نوع النهي في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة}:

قال قائلون قوله: {وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة} يفيد بفحواه النهي عن الأكل، وهذا ضعيف لأن النهي عن القرب لا يفيد النهي عن الأكل إذ ربما كان الصلاح في ترك قربها مع أنه لو حمل إليه لجاز له أكله، بل هذا الظاهر يتناول النهي عن القرب.
وأما النهي عن الأكل فإنما عرف بدلائل أخرى وهي قوله تعالى في غير هذا الموضع: {فَلَمَّا ذَاقَا الشجرة بَدَتْ لَهُمَا سوآتهما} [الأعراف: 22] ولأنه صدر الكلام في باب الإباحة بالأكل فقال: {وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} فصار ذلك كالدلالة على أنه تعالى نهاهما عن أكل ثمرة تلك الشجرة لكن النهي عن ذلك بهذا القول يعم الأكل وسائر الانتفاعات ولو نص على الأكل ما كان يعم كل ذلك ففيه مزيد فائدة. اهـ.

.ما هو ذنب آدم؟

المكانة التي ذكرها القرآن لآدم سامية ورفيعة، فهو خليفة الله في الأرض ومعلم الملائكة، وعلى درجة كبيرة من التقوى والمعرفة، وهو الذي سجدت له ملائكة الله المقربين.
ومن المؤكد أن آدم هذا لا يصدر عنه ذنب، إضافة إلى أنه كان نبيًّا، والنّبي معصوم.
من هنا يطرح سؤال عن نوع العمل الذي صدر عن آدم. وتوجد لذلك ثلاثة تفسيرات يكمل بعضها الآخر.
1- ما ارتكبه آدم كان تركًا للأولى أو بعبارة أخرى كان ذنبًا نسبيًا، ولم يكن ذنبًا مطلقًا.
الذنب المطلق، وهو الذنب الذي يستحق مرتكبه العقاب أيًا كان، مثل الشرك والكفر والظلم والعدوان، والذنب النسبي هو الذي لا يليق بمرتكبه أن يفعله لعلوّ منزلة ذلك الشخص، وإن كان ارتكابه مباحًا، بل مستحبًا أحيانًا من قبل الأفراد العاديين. على سبيل المثال، نحن نؤدي الصلاة بحضور القلب تارة، وبعدم حضور القلب تارة أخرى، وهذه الصلاة تتناسب وشأننا، لكن مثل هذه الصلاة لا تليق بأفراد عظام مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. صلاة الرّسول ينبغي أن تكون بأجمعها اتصالا عميقًا بالله تعالى، وإن فعل الرّسول غير ذلك فلا يعني أنه ارتكب محرّما ً، بل يعني أنه ترك الأولى.
وآدم كان يليق به أن لا يأكل من تلك الشجرة، وإن كان الأكل منها غير محرّم بل مكروهًا.
2- نهي الله لآدم إرشادي، مثل قول الطبيب: لا تأكل الطعام الفلاني فتمرض. والله سبحانه قال لآدم: لا تقرب هذه الشجرة فتخرج من الجنّة، وآدم في أكله من الشجرة خالف نهيًا إرشاديًا.
3- الجنّة التي مكث فيها آدم لم تكن محلا للتكليف، بل كانت دورة اختبارية وتمهيدية لآدم كي يهبط بعدها إلى الأرض. وكان النهي ذا طابع اختياري. اهـ.

.حكاية لطيفة:

قال صاحب الحكم: تذاكر بعض الأولياء، عند أبي مدين، أسرار الشجرة المنهي عنها، فكل قد تكلم على قدر مشربه وذوقه، والشيخ ساكت، فرفع رأسه وقال: لو كان يعلم أبونا آدم عليه السلام أن حبيب الله وخاتم الأنبياء عليه السلام يجئ من صلبه، لكان يتناول من الشجرة في أول دخوله، بل يأكل عرقها، لكي يخرج من الجنة سريعًا، لأجل ظهور الأحمدية من نسله. اهـ.

.سؤال: فإن قيل: ما وجه الحكمة في تخصيص تلك الشجرة بالنهي؟

فالجواب: أنه ابتلاء من الله تعالى بما أراد.
وقال أبو العالية: كان لها ثقل من بين أشجار الجنة، فلما أكل منها: قيل أخرج إلى الدار التي تصلح لما يكون منك. اهـ.

.فصل في أقوال مردودة وردت في قصة آدم عليه السلام:

.قال ابن جزي:

اختلفوا في أكل آدم من الشجرة، فالأظهر أنه كان على وجه النسيان لقوله تعالى: {فنسي ولم نجد له عزمًا} [طه: 115] وقيل سكر من خمر الجنة، فحينئذ أكل منها، وهذا باطل لأن خمر الجنة لا تسكر وقيل: أكل عمدًا، وهي معصية صغرى، وهذا عند من أجاز على الأنبياء الصغائر وقيل: أول آدم أن النهي كان عن شجرة معينة، فأكل من غيرها من جنسها وقيل: لما حلف له إبليس صدقه، لأنه ظن أنه لا يحلف أحد كذبًا. اهـ.

.قال القاسمي:

وقال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية وجماعة من المتأخرين الصواب أن آدم عليه السلام لما قاسمه عدو الله أنه ناصح، وأكد كلامه بأنواع من التأكيدات:
أحدها: القسم.
والثاني: الإتيان بجملة اسمية لا فعلية.
والثالث: تصديرها بأداة التأكيد.
الرابع: الإتيان بلام التأكيد في الخبر.
الخامس: الإتيان به اسم فاعل لا فعلًا دالًا على الحدث.
السادس: تقديم المعمول على العامل فيه، ولم يظن آدم أن أحدًا يحلف بالله كاذبًا يمين غموس، فظن صدقه، وأنه إن أكل منها لم يخرج من الجنة، ورأى أن الأكل، وإن كان فيه مفسدة فمصلحة الخلود أرجح، ولعله يتأتى له استدراك مفسدة اليمين في أثناء ذلك باعتذار أو توبة، كما تجد هذا التأويل في نفس كل مؤمن أقدم على معصية. اهـ.
وذكر السمرقندي ما حاصله: أن آدم عليه السلام اتبع حواء في المعصية والأكل من الشجرة عن تعمد، لأنه كان يحبها- إلى أن قال لها: إني أخاف العقوبة ثم بعد ذلك أكل من الشجرة. اهـ.
ومنها: ما ذكره البغوي في المدخل الذي استخدمه إبليس عليه لعنة الله- في وسوسته لآدم عليه السلام قال ما نصه:
وقد كان آدم حين دخل الجنة، ورأى ما فيها من النعيم قال: لو أن خلدًا فاغتنم ذلك منه الشيطان فأتاه الشيطان من قبل الخلد، فلما دخل الجنة وقف بين يدي آدم وحواء، وهما لا يعلمان أنه إبليس فبكى وناح نياحة أحزنتهما، وهو أول من ناح فقالا له ما يبكيك؟ قال أبكي عليكما تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة فوقع ذلك في أنفسهما، ومضى إبليس ثم أتاهما بعد ذلك وقال: {يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد}. اهـ.
ومنها: ما ذكره القرطبي بعد أن ذكر قصة الحية المزعومة ما نصه:
ثم أغوى آدم، وقالت له حواء: كل فإني قد أكلت فلم يضرني، فأكل منها فبدت لهما سوءاتهما وحصلا في حكم الذنب، فدخل آدم في جوف الشجرة، فناداه ربه: أين أنت؟ فقال: أنا هذا يا رب، قال ألا تخرج؟ قال: استحي منك يا رب. اهـ.
ومنها ما حكاه الطبري عن وهب بن منبه حيث قال: فناداه ربه يا آدم أين أنت؟ قال: أنا هنا يارب قال: ألا تخرج قال: أستحي منك يارب قال: ملعونة الأرض التي خلقت منها لعنة يتحول ثمرها شوكًا قال: ولم يكن في الجنة ولا في الأرض شجر كان أفضل من الطلح والسدر ثم قال: يا حواء أنت التي غررت عبدي فإنك لا تحملين جملا إلا حملته كرهًا فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت. اهـ.
بل إن هذا الكلام يوحي بأن الله تعالى لم يحسن اختيار الخليقة. تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
ومنها ما ذكره ابن الجوزي في تفسيره، وغيره من أن جبريل أو بعض الملائكة عنفوا آدم عليه السلام وبكتوه على الأكل من الشجرة. ومنها ما ورد عن وهب بن منبه من أن الشجرة المنهي عنها شجرة الخلد.
وقال صاحب الميزان: {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو}.
ظاهر السياق أنه خطاب لآدم وزوجته وإبليس، وقد خص إبليس وحده بالخطاب في سورة الأعراف حيث قال: {فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها} [الأعراف: 13] فقوله تعالى: {اهبطوا} كالجمع بين الخطابين وحكاية عن قضاء قضى الله به العداوة بين إبليس- لعنه الله- وبين آدم وزوجته وذريتهما وكذلك قضى به حياتهم في الأرض وموتهم فيها وبعثهم منها.
وذرية آدم مع آدم في الحكم كما ربما يستشعر من ظاهر قوله: {فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} [الأعراف: 25] وكما سيأتي في قوله تعالى: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} [الأعراف: 11]. اهـ.